حذّر البنك الدولي من أن الاقتصاد اليمني يواجه ضغوطًا هائلة تهدد بانهيار شامل، نتيجة الحصار المفروض على صادرات النفط، والانقسام المؤسسي، وتراجع الدعم الدولي، في ظل صراع ممتد ينهك البلاد منذ سنوات.
وفي تقريره الصادر بعنوان “التغلب على المصاعب المتزايدة وأوضاع التجزؤ المتفاقمة”، توقع البنك انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 1.5% خلال العام الجاري، لافتًا إلى أن الأزمة الاقتصادية تزداد تعقيدًا بفعل التضخم المتسارع، وانهيار العملة، وتراجع المساعدات الإنسانية.
وأشار التقرير إلى أن الأسر في مناطق الحكومة المعترف بها دوليًا تواجه ضغوطًا معيشية قاسية، إذ ارتفعت أسعار السلة الغذائية الأساسية بنسبة 26% حتى يونيو، نتيجة انهيار الريال الذي بلغ 2905 ريالات للدولار في يوليو، قبل أن يتحسن إلى 1676 ريالًا في أغسطس عقب تدخلات نقدية.
كما سجلت إيرادات الحكومة تراجعًا بنسبة 30% مقارنة بالعام الماضي، ما انعكس على تقليص الإنفاق العام وتعطّل الخدمات الأساسية وتأخير صرف الرواتب. وفي مناطق سيطرة الحوثيين، زادت الضربات الجوية على الموانئ من أزمة السيولة، وفرضت قيود إضافية على الواردات، وسط انتقال عدد من البنوك من صنعاء إلى عدن.
وعلى صعيد المساعدات، كشف التقرير أن التمويل الإنساني وصل إلى أدنى مستوياته منذ أكثر من عقد، ولم يغطّ سوى 19% من خطة الأمم المتحدة الإنسانية البالغة 2.5 مليار دولار حتى سبتمبر، مما فاقم مستويات انعدام الأمن الغذائي، حيث يعجز أكثر من 60% من الأسر عن تلبية احتياجاتها الأساسية، ولجأت بعضها إلى التسول.
وقالت دينا أبو غيدا، مديرة مكتب البنك الدولي في اليمن، إن استقرار الاقتصاد مرهون بوجود مؤسسات فعّالة وتمويل مستدام وتقدم سياسي نحو السلام، مؤكدة أن استعادة الثقة تتطلب إصلاحات جذرية تحافظ على الخدمات الأساسية وتضمن حماية سبل العيش.
ودعا التقرير إلى تنفيذ حزمة إصلاحات تشمل تحسين إدارة المالية العامة، وزيادة تحصيل الإيرادات، ودعم قطاع الكهرباء، والحفاظ على استقرار العملة، وفق خطة التنمية الاقتصادية التي أعلنتها الحكومة في ديسمبر 2024.
وفي ختام تقريره، حذّر البنك الدولي من أن العام القادم قد يشهد آفاقًا شديدة القتامة ما لم يتحقق تقدم سياسي يفضي إلى إنهاء الحصار وتقليص الانقسام.
