المقالات

محمد جميح : نصيحة

عندما تكفون عن النظر إلى الهدنة باعتبارها استراحة محارب ستنجح.

عندما تعترفون بأن السيطرة بالسلاح لن تدوم، وتعترفون بأن الحكم للشعب وليس لكم بوصية من جدكم، عندها سيحل السلام.

تعالوا احكموا على رغم أنف كل خصومكم السياسيين، ولكن عبر صندوق الانتخابات، لا عبر “غدير خم”، و”الوصية الإلهية”، التي تعرفون قبل غيركم أنها صارت من التاريخ، وأنها أصلاً تشبه طروحات إسرائيل التي تقول إن فلسطين لليهود بحكم “عهد إلهي”.

بالله عليكم، اعملوا جردة حساب بسيطة لإنجازاتكم. لا أقول من 2004، ولكن منذ 21 سبتمبر 2014، كونوا منصفين، وقولوا ماذا قدمتم للبلاد؟

دعونا من أحاديث الصمود، والكلام عن فتح مكة وبيت المقدس وعسير، فقد ملَّ الناس الحرب، ولم يعودوا ينظرون إليها كإنجاز.

الشعوب تقيم الأداء بعدد المدارس، والمشافي والجامعات التي بنتها السلطة الحاكمة.

الشعوب تنظر إلى حجم المداخيل القومية، والدخل الفردي، والاستثمار في البنى التحتية، والإنجازات الزراعية والصناعية والتكنولوجية.

هل يجرؤ أحدكم أن يقدم كشفاً بإنجازاتكم في هذه المجالات؟

لا نريد كشفاً بعدد الزوامل والملازم وإصدارات “الإعلام الحربي”.

الحرب مهرب الذين ليس لديهم قدرة على السلام، على البناء، على التعايش مع الآخرين.

الحرب مهمة الفاشلين، مثلما يلجأ التلميذ البليد في المدرسة إلى البلطجة لأنه فشل في تحقيق ذاته في السلم التعليمي.

غداً سيحل السلام، وستعود الأمور إلى مجراها الطبيعي، والسلطة التي لم توفرها لكم الحرب، لن يتيحها لكم السلام.

والأحلام التي داعبت منامكم ذات ليلة، والأفكار التي قلتم لليمنيين إنكم تخلصتم منها وأعدتموها اليوم، والشعارات التي رفعتموها وأنتم تعرفون كذبها، كل ذلك سيذهب مع الريح.

انزعوا عنكم صبغة القداسة، ومارسوا حياتكم بيسر وسهولة وبساطة، ستجدون أن الحياة حلوة بعيداً عن أفكار كتبكم الصفراء التي تجعل لكم منزلة فوق سائر الناس.

هذا لن يكون، لأن الترفع يواجه بترفع مضاد، والعنصرية تولد عنصرية أخرى، والحل أن تركزوا على اليوم لا الأمس، على الحاضر لا التاريخ.

اخرجوا من عباءة عبدالله بن حمزة والمطهر شرف الدين، ادرسوا التاريخ للعبرة لا لإسقاطه على الواقع.

راجعوا علاقاتكم مع جيرانكم الذين تنكرتم لهم في صنعاء وذمار وحجة وصعدة وغيرها، لأن الزمن دوار.

تذكروا أنكم أجبرتم على تغيير ألقابكم في فترة حرجة خوفاً من الانتقام، وردات الفعل.

اتركوا عنكم الكبرياء الفارغ والغرور المكشوف، لأنه ما تكبر أحد إلا من نقص يجده في نفسه.

أنتم جزء من الشعب لا الشعب كله، لن يقبل بكم الناس إلا إذا كنتم منهم وإليهم.

أعتقد جازماً أن الحرب ستنتهي إذا وعيتم الدرس، ولن يكون هناك “عدوان”، ولا تحالف ولا قصف طائرات.

المركز الوطتي لعلاج الأورام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى