المقالات

الشيخ د. طالب الكثيري .. ماذا تعرف عن نبي الأمة (2) .

  • ومن خصائصهصلى الله عليه وسلم ما خص الله به أمته:

ولتعلم أن كل نبي يكتب له من الأجر – فوق أجر أعماله- بقدر أعمال أمته وطاعتهم؛ ورسولنا الكريم أمته خير أمة، وأكثر أمة، وهم شطر أهل الجنة، أمته r أحلت لها الغنائم ولم تحل لأمة قبلها، وجعلت لها الأرض مسجدًا وطهورًا، وأمته r لا تجتمع على ضلالة، ويأتون يوم القيامة شهودًا على الأمم وهي تقول: ما جاءنا من بشير ولا نذير، فتشهد أمةُ الإسلام لكل رسول بأنه أنذر قومه، فما أعظمها من شهادة بين يدي الله يوم القيامة، (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ)، فأبشري يا أمة الإسلام أبشري فـ ” نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة، المقضي لهم قبل الخلائق، ونحن أول من يدخل الجنة”،] أخرجه مسلم:856 [، أبشري فكل رسول قد تعجل دعوته، وخبأ رسولنا الكريم دعوته المستجابة شفاعةً لمن لم يشرك بالله شيئًا من أمته، وأي بشارة أعظم لهذه الأمة من حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه أنه سمع النبي r يقول في قوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) قال:”إنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله”،]أخرجه الترمذي:3501 [ .

هذا بعض ما خصه الله به، وهذا بعض ما قدمه محمد r رحمة وهداية لأمته، لكن أين ما قدمنا نحن له ، أم أين نصرتنا له بعد مماته وقد تخلفنا عن نصرته في حياته !!

 كلب الصيد يغار يا أمة الإسلام أن ينتهك عرض نبيكم صلوات ربي وسلامه عليه: ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في تاريخه الدرر الكامنة 3/202 هذه القصة العجيبة قال: كان النصارى ينشرون دعاتهم بين قبائل المغول طمعاً في تنصيرهم، وقد مهد لهم الطاغية هولاكو سبيل الدعوة بسبب زوجته الصليبية ظفر خاتون، وذات مرة توجه جماعة من كبار النصارى لحضور حفل مغولي كبير؛ عقد بسبب تنصر أحد أمراء المغول، فأخذ أحد دعاة النصارى في شتم النبي r، وكان هناك كلب صيدٍ مربوط، فلما بدأ هذا الصليبي الحاقد في سب النبي r زمجر الكلب وهاج، ثم وثب على الصليبي وخمشه بشدة، فخلصوه منه بعد جهد .. فقال بعض الحاضرين: هذا بكلامك في حق محمد عليه الصلاة والسلام، فقال الصليبي : كلا، بل هذا الكلب عزيز النفس رآني أشير بيدي فظن أني أريد ضربه، ثم عاد لسب النبي r وأقذع في السب، عندها قطع الكلب رباطه، ووثب على عنق الصليبي وقلع زوره في الحال؛ فمات الصليبي من فوره، فعندها أسلم نحو أربعين ألفاً من المغول !!.

ونحن لا ننـــتظر الآن ما يؤكد نصرة العجماوات لرسول الأمة الكريم، بل نتساءل كيف نستطيع ونحن أمة المليار أن ننـــصره r !

بعض حقـوقه r على أمتـه :

أولًا: الإيمان الصادق به r وتصديقه فيما أخبر عنه، يقول ربنا سبحانه: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)،  وقال تعالى:(وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا) .

ثانيًا: وجوب طاعته r والحذر من مخالفته: قال تعالى:( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا)، وقال: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، وفي صحيح البخاري] أخرجه البخاري:7280 [من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال:” كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: يا رسول الله  ومن يأبى، قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى”.

ثالثًا: محبته r أكثر من الوالد والولد والناس أجمعين: وفي ذلك يقول عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال النبي r:” لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين”،] أخرجه البخاري:15 ومسلم:44 [، فهينًا لمن فاز بما فاز به الأعرابي وقد سأله عن الساعة، فقال r: ” ما أعددت لها ؟”، قال: يا رسول الله ما أعددتُ لها كبير صلاةٍ ولا صيامٍ ولا صدقةٍ، ولكني أحب الله ورسوله، فقال له:” أنت مع من أحببت”،] أخرجه البخاري:7153 ومسلم:2639[.

– ولمحبته r علاماتٌ يعرف بها الصادق من الكاذب، ومنها: التأدب بآدابه، والاقتداء بهديه، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، ومنها أيضًا: نصرته حيًا وميتًا، وإحياء سنته ونشرها وتعليمها الناس .

رابعًا: احترامه وتوقيره ونصرته ومحبة آله وأزواجه وأصحابه: كما قال تعالى: ( لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ).

خامسًا: الإكثار من الصلاة والسلام عليه r: وفي التـنزيل: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، فمن صلى عليه صلاةً واحدة صلى الله عليه بها عشرًا، كما في صحيح مسلم .

سادسًا: وجوب التحاكم إليه والانقـياد لحكمه: وهذه علامة ظاهرة من علامات الإيمان، وفيه يقول ربنا سبحانه: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، وإنما يكون التحاكم إليه بالتحاكم إلى سنته وإلى شريعته بعد وفاته عليه الصلاة والسلام .

سابعًا: إنزاله مكانته r التي أنزله الله إياها بلا غلو ولا جفاء: فهو عبدٌ لله فلا يعبد، ورسولٌ من عند الله فلا يكذب، فاحذرنَ الظلم في جناب رسولنا الكريم غلوًا أو تقصيرًا، وتدبر ! فقد علمه ربه أن يقول: ( قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) .

   فهلا صرخت بأعلى صوتك: نحري دون نحرك يا رسول الله، هلا أسمعت الدنيا: فداك أبي وأمي يا أبا القاسم، لكن احذر أن تكون مجرد كلمات تقال، ولتـنظر في نفسك هل قمت بحقوقه السـبعة !!

 

المركز الوطتي لعلاج الأورام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى