المقالات

المشهد اليمني ..”لعنة القات” تُطارد اليمنيين في الخارج

يواجه الطالب اليمني بالأكاديمية العسكرية في مدينة تفير الروسية عبد الله غسيس، المعتقل لدى الأمن الروسي، خطر السجن لمدة 25 عاماً؛ ليس لأنه ارتكب جريمة قتل أو تورط في عمل إرهابي؛ بل بتهمة حيازة القات وتهريبه، والذي تصنفه السلطات هناك ضمن المواد المخدرة والمحظورة.

وتصنف كثير من الدول “القات” ضمن المواد المخدرة عقب إدراجه من قِبل منظمة الصحة العالمية عام 1973 ضمن قائمة المواد المخدرة، حيث أثبتت أبحاث المنظمة التي استمرت ست سنوات احتواء نبتة القات على مادتي نوربسيدو فيدرين والكاثين، المشابهتين في تأثيرهما للأمفيتامينات.
– شعور عابر

والقات، شجرة خضراء تُزرع في اليمن ودول القرن الأفريقي، تُستخدم عن طريق المضغ في الفم دون البلع، حيث تعطي شعوراً بالنشوة وبطاقة هائلة، وهي مفيدة جداً للتركيز، لذلك يتعاطها الطلاب وأصحاب المهن، كما أنها منشط جنسي.

ورغم التحركات على المستوى الدبلوماسي، فإن الطالب ما يزال في “ورطته”؛ إذ يرى مراقبون أن حل قضيته يستلزم تدخلاً حكومياً رفيعاً.

وليست قضية الطالب “غسيس” الوحيدة المرتبطة بالقات مع اليمنيين في الخارج، فالمدون اليمني حسين الوادعي قال إن رحلة جوية كان ضمن ركابها منتصف يناير/كانون الثاني الحالي، تعرضت للتفتيش الدقيق مرتين؛ بسبب وجود قات مع أحد الركاب اليمنيين، وهو أمر وصفه بالمهين.

– مخاطرة بالمستقبل

وحذر الوادعي في منشورات على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، اليمنيين في الخارج من تعاطي القات؛ بسبب العقوبات الصارمة، خاصة في ظل الأحداث التي تعيشها البلاد، التي أصبحت أضعف من أن تستطيع حل هذه الإشكاليات.

الصحفي اليمني صادق الوصابي، تساءل عن الدوافع التي تجعل بعض الطلبة والمقيمين اليمنيين خارج البلد يتناولون القات في دول تصنف هذه النبتة ضمن المخدرات، وتقر عقوبات قاسية ضد مهربيه أو متناوليه.

واعتبر الوصابي في صفحته على “فيسبوك”، أنهم بذلك “يعرّضون مستقبلهم ومستقبل عوائلهم للخطر؛ في حال أُلقي القبض عليهم وهم يستهلكون هذه النبتة، لكنهم يخاطرون بمستقبلهم ومستقبل أبنائهم من أجل نشوة عابرة”.

– ثمن مرتفع

إدريس مثنى، طالب يمني مبتعث في إحدى الدول الأفريقية، ينفق لـ”القات” شهرياً ما يعادل 100 دولار أمريكي رغم أنه لا يتعاطى القات بشكل يومي مثل بقية زملائه الذين يعيش معهم في شقة واحدة، حيث ينفقون لتعاطي القات ما بين 200–300 دولار أمريكي على حساب بقية متطلبات الحياة، في الوقت الذي يتسلم فيه الطالب مخصصاً مالياً يبلغ (500) دولار، أي إنه يصرف ما يعادل 40% من مستحقاته على القات.

وفي حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أكد إدريس أن بعض الطلبة لا يستطيعون الابتعاد عن القات، حتى إن بعضهم دخل في مشكلات مع السكن الطلابي الذي يوجد فيه، وفضّل مغادرة السكن بسبب منع القات واستئجار مسكن ليأخذ راحته في تعاطيه.

وعن السبب الذي يدفعهم لتعاطي القات رغم أضراره المالية والصحية، بحسب الطالب، هو أن البعض يعتقد أنه لا يستطيع المذاكرة والتركيز من دونه، لا سيما إذا كان مدمناً إياه في اليمن.

– طريقة التهريب

وعن كيفية وصول القات إلى الطلبة أو غيرهم رغم التفتيش والحظر القانوني، كشف سليم -وهو طالب يعمل سمساراً في بيع القات للطلبة بالسودان- أن هناك مهربين أفارقة يدخلون القات الهراري (نوع من قات إثيوبيا) إلى الخرطوم، سواء كان أخضر أو مجففاً؛ فالأخضر مرتفع الثمن مقارنة بالمجفف، الذي يباع بالكيلو أو الكيس في العادة، بما لا يقل عن 100 دولار أمريكي.

وأضاف سليم لـ”الخليج أونلاين”، أن “هناك نوعاً يأتي من اليمن، لكنه يكون مطحوناً ويتم إدخاله من المطارات على أنه نوع من أنواع الحناء (مادة تصنع بها النساء نقوشاً على أجسامهن)، وعادة ينقل عبر مسافرين، وهذا النوع في الغالب يأتي كهدايا من أناس داخل اليمن، في حين تباع بقية الكميات”.

– جهود حكومية فاشلة

ورغم أن السلطات في اليمن أصدرت قرارات حكومية بين عامي 1972 و1976، تمنع زراعة القات أو تعاطيه، فإنها فشلت، ومع ذلك تتجاوز مشكلات اليمنيين مع القات الحدود، حيث وقعوا في مشكلات أمنية في عدد من الدول، منها لبنان والسعودية، التي أوصت لجنة مكافحة المخدرات فيها منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بتخصيص باب مستقل لعقوبات قضايا القات، الذي يُصنف ضمن المواد المخدرة.

ولأن المملكة السعودية ترتبط بحدود طويلة مع اليمن، فهي من أكثر الدول التي يتم تهريب القات إليها، حيث يُسجن ويرحَّل عدد من اليمنيين الذين يخاطرون بحياتهم لتهريب القات مقابل مبالغ زهيدة، تصل في المتوسط لنحو 50 دولاراً، بحسب ما كشف عنه أحد التحقيقات لمحطة “CNN” التلفازية الأمريكية.

ووفقاً للمحطة الأمريكية، فإن السلطات السعودية ضبطت خلال 3 أشهر نحو نصف مليون طن من القات المهرب، تقدر قيمتها بـ100 مليون دولار.

المركز الوطتي لعلاج الأورام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى