أخبار اليمن

رابطة أهل الحديث باليمن تصدر بيان بشأن أحداث المحافظات الجنوبية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعد، أما بعد:
فإن علماء رابطة أهل الحديث باليمن يتابعون ما جرت به أقدار الله تعالى من اقتتال في المحافظات الجنوبية لأرض اليمن، ويدعون الله ربهم أن يلطف بالعباد والبلاد، وأن يمن علينا جميعا بحفظه ، ويتولانا برحمته، ويخلصنا مما حل بنا من فتن وقتل وبلاء، وتفرق وتدابر وغلاء.

وهم بذلك ينصحون من استنصحهم، وسألهم عن مفاتيح الخير والنجاة والرشد فيما حل بالبلاد من فتن داخلية إلى الآتي :

١)) الاعتصام بمحكمات الكتاب العظيم والسنة النبوية من تعظيم أمر الدماء المعصومة، وبذل المستطاع لحفظ كل قطرة دم لكل مسلم من جميع الأطراف، والعمل على جمع الشمل ووضع السلاح، ووأد الفتنة، وحل الخلافات بالحوار والطرق السلمية وبما تقتضيه الشريعة والعقل والفطرة، وإن كان ذلك على حساب مصالحهم وآرائهم، فﻻيترك اليقين لأمر متوقع مظنون، والآخرة خير وأبقى.

٢)) تمسك الدعاة بعرى الأخوة الإسلامية التي اعتنت بها الشريعة، بل وقدمت مقصد الحفاظ عليها عند التزاحم على مقاصد كثيرة،  وذلك ضمن الثوابت والمحكمات الدينية، فأخوتنا – معاشر الدعاة – رأس مال مسيرتنا إلى رضا الله عز وجل، في طريق تثبيت دين الله في صدور المسلمين، ونشره في العالمين، وهذا هدفنا الأسمى، وبه عرفنا، فﻻ تختلط علينا الأوراق،  وتتشتت بنا السبل.

٣)) من فهم طبيعة المرحلة التي تمر بها البلاد، وسرعة تقلبات الأحداث فيها، وعجز أهلها عن تولي أمرها وإبرام قراراتها: علم أن الاشتغال بما يحسنه ويستطيعه من نشر الخير في الناس، والمحافظة على صفاء الدعوة وحياديتها من أن يزج بها في صراعات لا تجر إلا إلى ضعضعة أمر الدين ووهنه في نفوس الناس، هو الأسلم والأحكم، وكما قيل :
إذا لم تستطع شيئا فدعه … وجاوزه إلى ماتستطيع.

٤)) أن المخرج السياسي للوضع الراهن سواء كان ببقاء الوحدة مع تعزيز شأن الأقاليم، أو السير في اتجاه الانفصال السياسي ، مع حفظ حقوق الجميع وترسيخ العدل والنظام ، أمر في أساسه اجتهادي، إذا  ما قام على أساس الضوابط الشرعية في مراعاة المصالح الراجحة ودفع المفاسد الأعظم ، وصيانة الضروريات الشرعية، فلا ينبغي لتلك الاجتهادات أن تكون سببا في تفرق جمع الأخوة، أو تسلبها مقتضياتها وحقوقها، كيف والخلاف منحصر في تنزيل الأصول المتفق عليها بيننا لا في الأصول نفسها ! 
ونوصي هنا بأن يرجع أهل كل بلد إلى مرجعية مجلس مشورتهم للنظر في خصوصيات ظرفهم، في ظل هذا الأصل العام لنا جميعا، وليعلم كل واحد منا أن فتواه في هذا الأمر وهذه المرحلة بالذات سيترتب عليها سفك دماء، وهتك أعراض، ونهب أموال ، فليعد للسؤال جوابا عن ذلك بين يدي الله عز وجل.

٥)) ينبغي لمن تحمل أمر الدعوة إلى الله – بل ولكل عاقل – أن يترك الترف اللامحمود في الكتابة ونشر التحليلات بما لا يحيط بعلمه، ولم يبلغه تأويله، وإذا كان أكثر المشتغلين بهذا الأمر ﻻيحسنونه، وﻻيسبرون غوره ، فكيف بنا نحن؟ فلا يتعجل أحدنا في تصوير الواقع أو الحكم عليه، وليجب من امتحنه بالسؤال عن قوله في الأحداث بأدب واتزان وحفظ للثوابت وعدم الخوض في المشتبهات ، وبما اقتضاه ما سبق، مع حرصه على جمع الكلمة ، وحقن الدماء ،، وتجنيب البلاد كل مايفضي إلى الصراعات الداخلية أو مع دول المنطقة، حتى تنكشف له الحقائق التي تبرأ ذمته بنشرها، وتوجيه الخلق إليها.
ولنترب جميعا على أنفسنا بترك آرائنا الفردية ، ونزعاتنا الشخصية ، وﻻبد من التشاور بيننا والعمل بما يراه الجميع أو الأكثر من أهل الشورى ، فلو كان أحد يستغني عن الشورى لاستغنى عنها سيد الخلق   -صلوات الله وسلامه عليه- فقد أمره الله تعالى بالشورى فقال جل شأنه: (وشاورهم في الأمر) فالتأني محمود العواقب، والعجلة من الشيطان، ﻻسيما إذا كانت مصحوبة بالنفس الطائفي أوالمناطقي ، ويجب في القضايا العامة والمصيرية أن نرجع إلى المجلس العلمي ، ونقف عند نصائحه وتوجيهاته ، اعتصاما بالتوجيه القرآني في قوله تعالى: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا).
اللهم فارحمنا وبلادنا بواسع رحمتك، ووفقنا إلى لزوم شرعك، واحقن دماءنا، وعجل بفرجك عن اليمن وأهله والمسلمين أجمعين، وابسط عليهم أمنك وأمانك ، يا إله الأولين والآخرين، وصلى الله وسلم على نبينا وإمامنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

المركز الوطتي لعلاج الأورام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى