أخبار اليمن

محاكم المليشيات في صنعاء.. إرهاب المجتمع بأحكام ملفقة

فيما تتعرض مليشيات الحوثي الانقلابية للتنكيل والهزائم المتتالية في محافظة الحديدة على أيدي القوات المشتركة المدعومة من التحالف، تكثف المليشيات في صنعاء من إصدار أحكام الإعدام بحق المواطنين الذين تتهمهم بالتخابر ضدها لصالح تحالف دعم الشرعية أو طارق صالح.

وتحاول الميليشيات الحوثية، من خلال تكثيف أحكام الإعدام، تنفيذ سياستها القائمة على مضاعفة البطش والتنكيل وإثارة الهلع في صفوف المعارضين الموجودين في مناطق سيطرتها في مسعى لإجبارهم التوقف عن مناهضتها ولزوم الصمت.

وتتطور أساليب المليشيات الحوثية القمعية في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرتها من التعذيب في السجون إلى الإخفاء القسري والمحاكمات وإصدار أحكام بالإعدام على المتهمين بعد تلفيق تهم لهم لا أساس لها من الصحة.

وكانت المحكمة الجزائية المتخصصة التابعة للحوثيين أصدرت مؤخرًا حكماً بالإعدام بحق أربعة ينتمون لمحافظة صعدة بتهمة التخابر مع التحالف الداعم للشرعية وهم: أحمد ضيف الله أحمد الحمزي، محمد يحيى محمد حجر، عبد الرحمن ربشان حسن العامري، صالح عباس صالح سليمان، فيما تم إحالة 200 شخص آخرين إلى المحكمة بانتظار أحكام مشابهة.

وتتصدر تهم التخابر ومساندة العدوان، حسب وصفهم، وحيازة السلاح والتجول به وتهمة كتابة منشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قضايا وتلفيقات المليشيات للمختطفين في سجونها.

وتستمر المليشيات بملاحقة خصومها السياسيين ومعارضيها وإيداعهم السجون والمعتقلات بدون تهم واضحة من محكمة تعد غير قانونية وملغية طبقاً لأصحاب التخصص وتأكيدات المهتمين.

يؤكد الحقوقي والمحامي هاشم سيف أن المحكمة الجزائية المتخصصة تعد محكمة غير قانونية وقضاء استثنائي لايجيز القانون اليمني إنشاء مثل هذه المحاكم، وكذلك القوانين الدولية التي تؤكد على أنه يجب أن يحاكم كل متهم بارتكاب أي جرم أمام القاضي الطبيعي والقاضي المختص في الاختصاص المكاني والاختصاص النوعي مكان ارتكاب الجريمة ونوعية الجرم الذي ارتكب.

ويضيف “سيف”، أن القضاء في صنعاء توقف عن حل قضايا الناس ولم يعد يعمل إلا في سلسلة التعيينات التي يقوم بها الحوثيون بوزارة وأجهزة القضاء ومحاكمة أشخاص بتهم مختلفة أبرزها التخابر الخارجي والحكم عليهم بالإعدام في مسعى لإرهاب الآخرين.

ومنذ انقلاب مليشيات الحوثي على السلطة استخدمت هذه المحكمة التي كانت تطالب بإلغائها في عملية الانتقام السياسي لتسرف في محاكماتها لخصومها وإصدار الأحكام بجلسة محاكمة واحدة في كثير من المحاكمات بهذه المحكمة التي أصبحت مقصلة عاجلة لإصدار الأحكام بلا أي مسوغات قانونية.

ومن بين كافة الأحكام التي صدرت من هذه المحكمة الحوثية تكاد تكون جميعها أحكاما بالإعدام، حيث يعتقد حقوقيون أن هناك أكثر من 40 حكم إعدام صدرت حتى الآن بحق أبرياء اختطفتهم المليشيات أو اعتقلتهم لأسباب سياسية.

وكانت هذه المحكمة ونفس القاضي قد أصدر حكما بإعدام الرئيس هادي وستة أشخاص من قيادته في الحكومة ومستشاريه ورئيس القضاء الأعلى.

ووفقا للقانون تعتبر اختصاصات هذه المحكمة غير قانونية ولاشرعية بعد إصدار الرئيس هادي قرارا بنقل كافة الاختصاص بهذه المحكمة إلى محكمة جزائية في مأرب.

ويعد حقوقيون هذه المحكمة بأنها أداة من أدوات القمع التي تمارسها مليشيات الحوثي وأنها مجرد تتمة لأعمال لا إنسانية تبدأ في السجون من عملية اعتقالات وتعذيب ومن ثم تأتي إلى هذه المحكمة لإضفاء مشروعية الأحكام بالإعدام.

قالت منظمة العفو الدولية، إن امرأة ورجلين قد اختفوا قسرا وتعرضوا لسوء المعاملة مطلع العام الجاري قبل أن يحكم عليهم بالإعدام إثر محاكمة بالغة الجور أمام إحدى محاكم العاصمة اليمنية صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون بتهمة إعانة العدوان حسبما زُعم.

واعتبرت المنظمة الدولية هذه القضية هي أحدث مثال على أن الحوثيين يستخدمون السلطة القضائية لتصفية حسابات سياسية وسط النزاع المسلح القائم ضد التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية لدعم حكومة اليمن المعترف بها من قبل الأمم المتحدة.

وكانت في 30 يناير/ كانون الثاني من العام الجاري حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة المرتبطة بالحوثيين في صنعاء حكمت بالإعدام على كل من: أسماء العميسي وسعيد الرويشد وأحمد باوزير وحكم بالسجن 15 عاماً على المتهم الرابع وهو ماطر العميسي والد أسماء العميسي.

وقالت “راوية راجح” كبيرة مستشاري برنامج الاستجابة للأزمات بمنظمة العفو الدولية: “فبينما يستمر النزاع المسلح في اليمن فإن المحاكمة الجائرة لأسماء العميسي والمتهمين الثلاثة الآخرين ما هي إلا جزءاً من نمط أوسع يستخدم فيه الحوثيون السلطة القضائية لتصفية حسابات سياسية”.

واختتمت راوية راجح قائلة: “ليست هذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها المحكمة الجزائية المتخصصة في اليمن التي لا توفر الضمانات اللازمة للاستقلال والإجراءات القانونية الواجبة أحكام الإعدام بعد محاكمات جائرة ونحن نعارض باستمرار عقوبة الإعدام في جميع الظروف كونها عقوبة قاسية ومهينة في طبيعتها”.

وتقول منظمة العفو الدولية، إن “الحكم على أي شخص حتى الموت بعد هذه الإجراءات المعيبة إلى حد بعيد بمثابة انتهاك واضح للقانون الدولي ويجب إسقاط هذه الأحكام دون أدنى تأخير”.

لم تعد المعتقلات والسجون في صنعاء كافية لاستيعاب نزلائها الذين تقوم مليشيات الحوثيين باعتقالهم منذ انتفاضة حزب المؤتمر الشعبي العام ضدها واغتيالها للرئيس السابق علي عبدالله صالح، حيث لم تعد هناك خصوصية لأحد في المدينة حتى لو اعتكف في منزله بينما أصبح الحديث عن الإعلام أو منظمات حقوق الإنسان شيئاً من الماضي.

يقول حقوقيون، إن الحوثيين وقعوا في فخ التسلط أسرع من المتوقع وربما نجحوا عملياً في بث الخوف والرعب في الشارع اليمني، وأصبح بإمكان صورة للرئيس الشهيد علي عبدالله صالح ترفعها على سيارتك أو تحفظها بهاتفك أن تقودك إلى أقرب معتقل للتحقيق.

ويتصاعد غضب اليمنيين وتذمرهم يومياً من تصرفات المليشيات الهمجية، لكن التعبير عن ذلك ما زال محدوداً ومقتصراً على الاحتجاج الصوتي أو التوعد بالمواجهة الذي يأتي حفاظاً على الكبرياء في مواقف كهذه أمام موجة عنف وترهيب لا يوقفها شيء وليس لها أي خط أحمر يلجم جموح المليشيات ويحد من تسلطها.

المركز الوطتي لعلاج الأورام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى