المقالات

مفتاح شعيب : فرحة اليمن المؤجلة

تتوقف مشاورات السلام اليمنية هذه الأيام على أمل أن تستأنف جلساتها منتصف هذا الشهر، بحسب روزنامة مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وبحسب ما تؤكده أطراف المشاروات التي استهلكت 65 يوماً من المفاوضات في الكويت، ولم تحقق أمراً جوهرياً، ما سبب خيبة بين اليمنيين زادتهم إحباطاً على إحباط.

طوال فترة المشاورات لم تسكت آلة الحرب بسبب انتهاكات ميليشيات التمرد للهدنة المفترضة في الجبهات المختلفة. وبدل أن تتجه التطورات السياسية في اتجاه التوصل إلى حل ينهي انقلاب جماعة الحوثيين وأنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح، تقهقرت الهدنة بعنف وباتت جبهات اليمن مفتوحة على معارك ربما تكون أعنف وأبشع مما رأى اليمنيون طوال العشرين شهراً من الحرب، وهو خيار لا تريد الحكومة اليمنية أن تندفع إليه، ولكنها قد تكون مضطرة لاتخاذه، رغم ما فيه من مخاطرة ومن نتائج غير مضمونة في صورة خوضه، فالحرب في مثل هذه الوضعيات تتطلب استنفاد كل الوسائل السياسية من أجل تحقيق السلام وإعادة الشرعية إلى قواعدها الدستورية السابقة.

وطالما هناك فرصة أخرى للمشاورات فالأمل يظل باقياً، وإذا تأخرت البشائر من الكويت ولم يستطع اليمنيون الفرحة بالحل السياسي في عيد الفطر، فربما سيحتفلون بالفرحة المؤجلة في عيد الإضحى، أو قبله.

فهذا الشعب اليمني الطيب والمغلوب على أمره، عانى ما يكفي من اضطهاد الانقلاب والإرهاب، والمجاعة والفقر، والنقص في الغذاء والدواء. ويفترض أن يدفع كل هذا الركام من القهر فرقاء الصراع جميعهم، إلى صحوة ضمير لإنهاء هذه المعضلة المزمنة. فلا شيء مستحيلاً إذا توافرت الإرادة والرغبة والصدق، وإلا فما جدوى العودة إلى المشاورات أصلاً، إذا استمر الوضع الميداني على حاله، خروق ومعارك، وأبرياء يسقطون في كل يوم بغير وجه حق.

هناك مخاوف جدية على مشاورات السلام التي قد لا تعقد في وقتها أصلاً، إذا لم تتحقق ترتيبات إجرائية للحل السلمي يجري التحضير لها بعيداً عن الأضواء في عواصم متفرقة. ورغم النفير الإعلامي والعسكري، ومحاولات الميليشيات إجراء تغييرات على الأرض لمصلحتها، هناك حماس أبداه ولد الشيخ، وبعض المسؤوليين الأمميين والكويتيين، يؤكد أن المشاورات تسير في الاتجاه الصحيح.

ولكن بالنسبة إلى الأغلبية الساحقة من اليمنيين تريد تعزيز هذا التفاؤل بإلزام للطرف الانقلابي بتسليم مؤسسات الدولة والانسحاب من المدن وفق خطة يجري التوافق عليها بإشراف رعاة المشاوراتها وحماتها.

وإذا كان لا بد من التوصل إلى حل سياسي للصراع اليمني، فيجب أن ينبني ذلك الحل على ضمانات قوية لا تسمح بالعودة إلى الحرب، والدخول في عملية سلمية تفضي في الختام إلى خلق نظام سياسي يسمح لجميع أبناء اليمن بالعيش المشترك ضمن دولة واحدة لا مكان فيها للنعرات الجهوية أو المذهبية التي استفحلت مؤخراً جراء عوامل داخلية وخارجية.

وتوحي المؤشرات بأن المعركة السياسية المفترضة في اليمن ستكون أقسى من المعركة العسكرية. وإذا استوعب اليمنيون الدرس، فسيكون ما حصل من قتال وسفك للدماء آخر ما تراه هذه الأجيال، وإلا فالعاقبة ستكون فوق الاحتمال.

نقلا عن الخليج

المركز الوطتي لعلاج الأورام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى