صدى الوادي – تقارير
لم تخل زيارة الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، أمس الثلاثاء، إلى قاعدة العند الجوية الواقعة وسط محافظة لحج، من الرسائل السياسية والعسكرية في ظل تعثر استئناف محادثات السلام نتيجة تعنت مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح. واقع دفع بالأمم المتحدة، أمس، إلى حسم تأجيل المحادثات إلى ما بعد الـ 20 من شهر يناير/كانون الثاني الحالي، وسط توقعات بتصعيد عسكري جديد تشهده مختلف الجبهات المشتعلة في البلاد.
وأوضح المتحدث باسم الأمم المتحدة، أحمد فوزي، أمس الثلاثاء، في تصريحات صحافية، أن المباحثات ستتأجل لأسبوع أو أكثر، بعدما كان مقرراً أن تنطلق غداً الخميس، حسبما أعلن في ختام الجولة السابقة التي عُقدت في سويسرا منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي بين ممثلي الحكومة اليمنية والانقلابيين. ولفت فوزي إلى أن موعد 14 يناير/ كانون الثاني “لم يعد واقعياً الآن، فمبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، يفكر في موعد بعد 20 يناير”. وجاء الإعلان بعدما فشل المبعوث الأممي الذي يتواجد في صنعاء منذ يوم الأحد بإقناع الحوثيين وحزب المؤتمر برئاسة صالح بعقد المحادثات في موعدها، بعدما اشترطوا وقف الحرب قبل المشاركة في أي جولة مقبلة.
ولا يمكن فصل هذه التصريحات عن المسار الذي يعتمده الرئيس اليمني أخيراً، والمتمثل في توجيه رسائل متعددة للرئيس المخلوع، تأكيداً من هادي بأنه يدير الدولة والحرب ضد المليشيات من عدن. ضمن هذا السياق، كان هادي قد أصدر أخيراً جملة من القرارات أطاح فيها ببعض من يعتقد أنهم لا يزالون يوالون نظام صالح، ثم سارع إلى زيارة مطار عدن بعدما تسلمته قوات الشرعية من “المقاومة”، قبل أن يزور، أمس الثلاثاء، قاعدة العند الموجودة وسط محافظة لحج، والمحاذية لمحافظة عدن من الشمال وتعز من الجنوب.
ويصرّ هادي على التواجد في عدن في تحدٍ صريح لتهديدات الحوثيين والرئيس المخلوع من جهة وتأكيداً على تمسكه بإدارة الدولة من داخل البلاد، وخصوصاً لجهة ضبط الأوضاع الأمنية ومعالجة مشاكل المرافق الحكومية بمعاونة عدد من الوزراء الذين يتواجدون في اليمن، في مقدمتهم وزير الداخلية حسين عرب ومستشار الرئيس صالح عبيد أحمد.
ويعتبر تواجد صالح عبيد أحمد مع هادي إحدى أهم الرسائل التي يبعث بها الرئيس الحالي إلى المخلوع، ولا سيما أنّ أحمد كان من القيادات الجنوبية المعارضة لصالح أثناء فترة حكمه، وكان من الذين حكم عليه نظام المخلوع بالإعدام بعد حرب صيف 1994. وقد عاد أحمد إلى عدن منذ ما يقارب شهرين بالتزامن مع عودة هادي، بعدما تم تعيينه مستشاراً للرئيس. وتترافق تحركات هادي مع خطوات لا تقل أهمية يقودها كل من محافظ عدن عيدروس الزبيدي ومدير أمنها العميد شلال علي شايع، ضمن مساعي ضبط الأوضاع في المحافظة.
وتتزايد الحاجة إلى تسريع وتيرة محاولة ضبط الأوضاع في ظل الأحداث الأمنية والاغتيالات المتتالية التي تشهدها عدن، والتي كان آخرها، أمس الثلاثاء، اغتيال ضابط تحريات مطار عدن، أمين شائف، أثناء خروجه من منزله في مدينة المنصورة في عدن. كما سقط أمس عدد من الجرحى عقب هجوم شنّه مسلحون مجهولون على مركز شرطة في حي المغتربين بمدينة دار سعد شمال عدن، فيما انفجرت عبوة ناسفة في دوار سوزوكي شرق المنصورة أيضاً، لكن دون ضحايا.
وفي السياق، عقد الزبيدي وشايع، أمس الثلاثاء، مؤتمراً صحافياً تطرقا فيه للأوضاع الأمنية في المحافظة وما حققته إجراءات الأمن الجديدة. وأكدا أنّ الأمن تمكن من استلام المرافق الأساسية في عدن، مشيرين إلى أن الإجراءات الأمنية مستمرة وفي وتيرة عالية وأنّ حظر التجوال المسائي المفروض في المحافظة منذ أيام سيستمر لشهر إضافي، ولا سيما أن هناك إجراءات إضافية من المقرر الإعلان عنها خلال الفترة المقبلة.
وفيما تزامنت الحوادث الأمنية التي شهدتها عدن أمس مع المؤتمر الصحافي للزبيدي وشايع، فإنها تأتي أيضاً بعد يومين من اغتيال ضابط متقاعد في الأمن في مدينة المنصورة، وبعد أسبوع من محاولة اغتيال فاشلة تعرض لها محافظ عدن ومدير أمنها إلى جانب محافظ لحج ناصر الخبجي، عبر استهداف موكبهم في محيط مدينة المنصورة.
وتشهد المنصورة، أكبر مدن المحافظة، النسبة الأكبر من الاغتيالات سواء داخل أحيائها أو في محيطها. وتشكل هذه التطورات حالة من القلق لدى المواطنين من جهة وتزيد الضغط الشعبي على قيادة الشرعية في المحافظة للإسراع في ضبط الأوضاع وملاحقة منفذي الاغتيالات.
وفي السياق، تستعد إدارة أمن عدن إلى استلام مجموعة جديدة من المرافق الخدمية والاقتصادية ونشر المزيد من قوات الأمن والجيش في عدد من المناطق ضمن خطة الانتشار الأمني التي تنفذها قوات الأمن وبإشراف من هادي.