المقالات

الهجرة الجماعية لأهل اليمن.. بقلم (عمر عليو)

مقال كتبه/ عمر أحمد عليو

لقد شهدت البلاد اليمنية في وقتنا الحاضر منذ عام 2015م وما بعده عدة هجرات قسرية فردية وجماعية لأسر وأشخاص وكبار القوم وصغارهم، وهذه الهجرة لم يشهد لها التاريخ مثيلا إلا ما ذُكر في التاريخ القديم من موجات النزوح الجماعي إثر تهدم سد مأرب وسيل العرم، وتفرق الناس في أنحاء العالم، هروبا من آثار هذا الحدث المخيف .
ولكن النزوح الحاضر قد تميز عن سابقه بأن سببه الحرب التي طال أمدها، وبأنه اختلط بسلوكيات فيها من الإذلال والقهر والإهانة للرجال والنساء في بلدان سيطرة الحوثيين، وكانت وجهة هذه الهجرة الجماعية والنزوح السكاني إلى دول خارجية ومحافظات داخلية بحسب ظروف وإمكانات المهاجرين أنفسهم.

وقد شهدت المحافظات الآمنة والبعيدة عن الصراعات، توافد أعداد هائلة، وازدحمت المدن والقرى والوديان بأولئك المهجّرين من بلادهم، والمخرجين من ديارهم، بضغوط الحرب وانعدام سُبل المعيشة، وقد تركوا خلفهم بيوتهم وأوطانهم، بحثًا عن الأمن والأمان والحياة الكريمة، وبحثًا عن فرص العمل، وقد أكرمهم الله عز وجل وسهّل لهم إخوانهم الأنصار في المحافظات الأكثر أمانا، حيث استقبلوهم استقبالاً حافلاً ورحّبوا بهم، وسمحوا لهم بالعيش بينهم وتقاسموا معهم اللقمة والمسكن، كل بحسب استطاعته وإمكاناته، ثم بُنيت لهم العديد من المخيمات، وتأجير الشقق السكنية لهم، بمبادرات أهلية أو عبر منظمات داخلية وخارجية، وإن كانت هذه المشاريع والمبادرات الطيبة مؤقتة، ولا تفي بالأعداد الضخمة من النازحين والمهجَّرين، وبهذه المناسبة أتوجه بالشكر والتقدير لأولئك الأنصار الذين ضربوا مثالا ناصعًا في الكرم وطيبة النفس، وفتحوا بلادهم وديارهم لإخوانهم المهاجرين الذين لم تكن بينهم سابق معرفة إلا أخوّة الإسلام ووحدة الهدف، وهو العيش بأمان وبعيدا عن الصراعات التي تشهدها البلاد.

ولا يخفى أن أكبر أسباب هذا الصراع، الذي أدى لهذه الهجرة والتشريد، هو انقلاب المليشيات الحوثية المدعومة من إيران على الحكم، بقصد قلقة السكينة في المنطقة العربية، وزرْع الخوف والإرهاب، وقتل الأبرياء، وتدمير المنشآت الحيوية في البلد، حيث تصدى لهذا العدوان الحوثي عدد من الدول العربية والإسلامية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وغيرها من الدول الرافضة للنفوذ الإيراني الفارسي في جزيرة العرب، فاجتمعت تلك الدول في تحالف عربي إسلامي سيكتبه التاريخ بأقلام بيضاء، وقد دحر الله بهذا التحالف مكر المليشيات، وقلّص نفوذها، وبعثر مخططاتهم في السيطرة على المحافظات والمدن، ومن هنا نرفع لدول التحالف أبلغ عبارات الشكر والامتنان، على لسان الشعب اليمني، ونطلب منهم ومن المجتمع الدولي حسم هذه المعركة سياسيًّا، أو عسكريًّا في أسرع وقت ممكن، فإن طول المعركة لا يخفى على أحد أنه ليس من صالح الشعب اليمني، فإن الحرب قد أورثت حالات إنسانية مأساوية، وكانت سببا في تأخير العديد من مشاريع التنمية في البلاد، كما أن تأخير الحسم ليس من صالح دول الجوار، ومفاسد ذلك عليهم لا تخفى على أحد، وإنما يستفيد من طول هذه الصراعات تجار الحروب، وأعداء الأوطان، وأصحاب السوق السوداء المفسدون في الأرض، والذين ماتت ضمائرهم وانعدمت فيهم معاني الإنسانية والرحمة، مما جعل الصراع مصدر رزق لكثير من هؤلاء، وبوابة كبرى لأكل الأموال بالباطل، وبيع الأسلحة والمعدات المخصصة لدحر المليشيات.

فنسأل الله لنا وللشعب اليمني ولجميع المسلمين الخلاص من الفتن، وأن يرزقنا الحياة الآمنة المطمئنة، وأن يكشف عنا وعن المسلمين ما نزل بنا، كما نسأله تعالى أن يغفر لموتانا، ويشفي جرحانا، ويكسو عارينا، ويشبع جائعنا، ويعين المحتاجين منا، ويهيئ للجميع أسباب السعادة في الدنيا والآخرة، إنه سبحانه أكرم مأمول، وأعظم مسؤول، وبالله التوفيق.
                                                                                                   

المركز الوطتي لعلاج الأورام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى