المقالات

من حصاد سني الحرب حتى 2020 في اليمن

ليس من الصعب جمع كل تفاصيل خسائر سنوات الحرب الخمسة الماضية، حيث إن مراكز الدراسات والتقارير الدولية وجهود المنظمات قد وثقت أرقاماً مهمة من ذلك، لا سيما في الجانب الاقتصادي والإنساني، وكثير من الفواتير الباهظة للحرب تم توثيقها بشكل ما.

لكن الدراسات المكثفة حول حجم الكارثة وتقديرات امتدادها القادم وتأثيراتها العميقة، ربما مثل هذه الدراسات لم تبدأ بعد، كون الحرب لا تزال مستمرة أولاً. وثانياً، غالبا ما يتم التركيز على الخسائر الاقتصادية والإنسانية ومؤشرات الأرقام والتقارير التي صدرت وتناولت جوانب وزوايا من هذه الخسائر الفادحة، والتي أشارت بعضها أن الخسائر المادية للدولة بلغت مائة وثمانين مليار دولار، والرقم في ازدياد، يقابله رقم مشابه فيما يتعلق بخسائر مادية تخص المواطنين.

ناهيك عن ثمانية ملايين غادروا البلاد أو نزحوا داخلياً.. ومليون شهيد ومثله معاق وجريح، ناهيك عن الجوائج الصحية والبيئية الفتاكة.

وتتعدد الخسائر وحصاد سني الحرب إلى ما لا نهاية لدولة أصبح توصيفها في أدبيات السياسة (منهارة) لكني في هذه الأسطر أود لفت الانتباه إلى ما هو أهم وأعظم من هذه الخسائر المادية والبشرية.

لا أقصد هنا إغفال الفشل الذريع للحكومة الشرعية في الإمساك بالخدمات وتلافي الفساد، ورغم أن ذلك يشكل كارثة كبرى وخسارة فادحة لكن ليس هو بيت القصيد.

كما أن الإخفاق العسكري عن أي إنجاز خلال السنوات الأخيرة وتوقف الجبهات كما كانت في السنة الأولى مع فشل وشلل في جبهة نهم وتعز… لاشك أن هذا يشكل خسارة كبيرة وفشلا اضافيا، لكن أيضا ليس هو الأهم.

كما أن توصيف اليمن، بحسب أدبيات السياسة، دولة منهارة مثلها مثل الصومال، ولهذا التعريف دلالة الخروج من الدولة للعصابات والجماعات، وهو أمر يطول بأي دولة تصل لهذا المستوى لعشرات السنين حتى تتعافى وتكتسب مفهوم واسم الدولة من جديد. ولا شك أن هذا الأمر يشكل أسوأ كارثة، ولكن وللأسف هناك ما هو أسوأ من ذلك.. وهو كارثة الكوارث من حصاد هذه الحرب التي تعد الأطول والأعنف في التاريخ اليمني وربما العربي.

لعل أكبر كارثة خلفتها سنوات الحرب في اليمن يتجلى في نقطتين:
النقطة الأولى، هذا الكم الكبير من الاضغان والثارات وتشبع الجيل الجديد بكم هائل من الكراهية وتشرب الدم واستسهال القتل وسفك الأرواح وتبلد الإحساس.

الكاتب..عبد الستار سيف الشميري

المركز الوطتي لعلاج الأورام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى