المقالات

ماذا بعد؟!

ماذا بعد؟!

بقلم : مطيع بامزاحم

في الـ19 من شهر فبراير المنصرم، عقدت قيادة السلطة المحلية بحضرموت اجتماعا مع الجهات المعنية لمناقشة التحضيرات لاستقبال وفد اقتصادي خارجي سيزور المحافظة.

في الـ2 من شهر مارس الجاري، طالعنا خبرا صحفيا عن لقاء قيادة السلطة برئيس مجلس إدارة “جمعية الإبداع الرقمي الصيني”، لمناقشة الفرص الاستثمارية في حضرموت، بحسب ماجاء في متن الخبر الرسمي.

في الأيام الثلاثة الماضية، طالعتنا اخبار عن زيارات مكوكية لوفد الجمعية برفقه قيادة السلطة وعدد من الوكلاء إلى (محطتي الريان والسقطري، موقع إنشاء ميناء الضبة، مصنع الوطنية لتعليب الاسماك، المدرسة الوسطى، المستشفى العسكري، النصب التذكاري، نادي الضباط، قاعة حضرموت لمعارض الصور، مركز نبض الحياة لامراض وجراحه القلب، موقع متنزه المكلا بارك الترفيهي، متحف المكلا، هيئة مستشفى ابن سيناء، بالاضافه الى مواقع مخصصه لإقامة مشاريع استثمارية وتنموية وغيرها من المرافق والمواقع)، لتنتشر عقب كل زيارة عشرات الصور للوفد مع اخبار صحفية لاتحمل في منتها امرا جديدا ومفرحا للمواطن، أو وعدا بتنفيذ مشروع هنا او بناء منشأة هناك، أو على الأقل وضع حجر اساس لأي مشروع تنموي أو حتى استثماري كنوع من بناء الثقة وتأكيدا على الجدية، أو على الأقل كعربون صداقة وبادرة حسن نية نحو حضرموت وشعبها من قبل هذه الجمعية ورئيسها وغيرها من الوفود الأخرى التي تأتي الينا زرافات ووحدانا.

كلنا نعلم بأن زيارة هذا الوفد الصيني تأتي في ظل ظرف ساخن ولم يعد فيه المواطن يشعر بشئ من التفاؤل، فهو يعاني من أزمة في المشتقات النفطية وارتفاع جنوني في أسعارها، وأزمة في الغاز المنزلي وارتفاع في أسعاره ايضا، وارتفاع مستمر في أسعار السلع الأساسية والكمالية في ظل عجز تام عن إيجاد حل جذري لها من قبل الحكومة، وعجز تام آخر في ضبط التلاعب فيها من قبل السلطات المحلية، وفوق هذا وذاك فإن المواطن المسحوق قد فقد الثقة أو كاد يفقدها في مسؤولية، فهم على مدى الخمس السنوات الماضية لطالما امطروه بوعود جمه لحل وانهاء الكثير من مشكلاته لاسيما مشكلة الكهرباء، وكم استقبلوا من وفد خارجي وخبراء عرب وأجانب وحدث معهم نفس الذي حدث مع هذا الوفد من الجولات المكوكية والاجتماعات المكثفة والاحاديث المطولة، لكن دون طحين، بل جعجعة فقط ولا شي غير صوتها يملأ أذنيه، وهذا ما جعل المواطن غير متفائل، ولا نبالغ إن قلنا بأنه قد أصبح متشائما.

يبدوا أن السلطة المحلية في حضرموت تسير دون خطط تنموية حقيقة ودون رؤية واضحة وبلا مواعيد مزمنة، رغم التجارب الكثيرة التي مرت بها والفترة الطويلة نسبيا التي عملت خلالها في أجواء من الاستقرار النسبي والبعد عن مناطق الاشتباك المباشرة والمناطق الساخنة خصوصا منذ العام 2016م، واضف إلى ذلك تمتعها بسلطة شبه مستقلة وصلاحيات كبيرة وحصة من مبيعات النفط تورد إلى خزينة حضرموت مع كل شحنة يتم شحنها من ميناء الضبة النفطي، واضف إليها مليارات الريالات السنوية من أموال الضرائب والجمارك التي لاتورد إلى العاصمة المؤقتة عدن، وتدخلات دول التحالف العربي والمنظمات الدولية والعربية في مشاريع بناء وترميم وتجهيز ودعم الكثير من المشاريع التنموية والخدمية خلال السنوات القليلة الماضية، كل هذه الظروف المساعدة والمحفزة اعتقد أنها كفيلة جدا بخلق طفرة تنموية غير مسبوقة في حضرموت، لكن للأسف لم تستطع السلطة المحلية استغلالها بالشكل الأمثل على الأقل في قطاع الكهرباء، التي يعد المشكلة الاكثر وجعا والما وازعاجا للمواطن الذي يعاني الأمرين من كل شي.

بالعودة للحديث عن ظاهرة زيارات الوفود الأجنبية وحتى تلك الوفود الحكومية وغير الحكومية إلى حضرموت، فالمتابع لهذه الظاهرة على وجه الخصوص والمراقب لعمل جهاز السلطة المحلية، سيصل إلى حقيقة مفادها، بأن لاجدوى كبيرة ترجى منها، وأنها لم تكن بنفس حجم الترويج والاستعداد والاستنفار والاحتفاء بها، فلو تم توفير هذه المبالغ التي تنفق على مثل هذه الوفود من مصاريف سفر وضيافة وتنقل ونتثريات وربما حتى هدايا، ستصل إلى ملايين الريالات التي تنفق بين ليلة وضحاها وخلال أيام قليلة من خزينة حضرموت ومن مال العشب دون تحقيق المرجوة من تلك الزيارات أو حتى دون تحقيق بعضا من أهدافها في معظم الأحيان، والمصيبة الكبرى أن بعض تلك الجهات أو الشخصيات التي تصل إلينا تحت مسمى وفد أو خبير اقتصادي أو غيره عندما تقوم بالبحث عنها في محرك البحث Google على سبيل المثال لاتجد لهم أي مواقع إلكترونية تُعرّف بهم وتؤكد صفاتهم الرسمية والاعتبارية التي جاوا الينا بإسمها، وهذا أمر يجبر اي متابع ومراقب على وضع الف استفهام على جدوى وأهمية زيارات تلك الوفود، ويؤكد على صوابية عدم تفاؤل المواطن بها وبتحركات سلطاته الحاكمة.

أيها المسؤولون، أما الآن الآوان للعمل بشفافية والتحرك بجدية، فالسنوات تنقضي والفرصة الذهبية التي حظيت بها حضرموت تُشرف على الانتهاء، فيا ايها المسؤول في أي موقع كنت، تأكد بأنك خادم للشعب، ومؤتمن على أمواله، وان مواطنك الذي انهكته الأزمات ينتظر منك أن تقوم بوظيفتك، وأن تنهي مشاكله، وأن تكون سببا في إصلاح واقعه المأزوم، وأن تسعى لتذليل الصعاب التي تواجه مستقبله وغدٍ أبنائك وأبنائه، وهو يسألك بإستمرار، وعقب كل وعد ووفد ويقول لك “ماذا بعد”؟!، فهل لديك جواب؟!

المركز الوطتي لعلاج الأورام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى