بالتزامن مع إطلاق جماعة الحوثي حملات استقطاب واسعة للأطفال والشبان إلى معسكراتها الصيفية لهذا العام، عادت ظاهرة اختفاء المراهقين إلى الواجهة مجدداً في محافظة ذمار، وسط تصاعد المخاوف الحقوقية والمجتمعية من استخدام هذه الظاهرة كغطاء لعمليات تجنيد قسري.
وأكدت مصادر محلية أن المحافظة شهدت خلال الأيام القليلة الماضية تسجيل ما لا يقل عن ثماني حالات اختفاء مفاجئة لأطفال وشبان تتراوح أعمارهم بين 10 و20 عاماً، في مدينة ذمار وعدد من المديريات المجاورة، دون أن تتمكّن أسرهم من معرفة مصيرهم أو الجهة التي تقف وراء اختفائهم.
ويرى ناشطون حقوقيون أن تزايد هذه الحالات لا يعد أمراً عابراً، بل يشير إلى عمليات تجنيد ممنهجة تقوم بها جماعة الحوثي بحق القاصرين، ضمن ما تُعرف بـ”المعسكرات الصيفية”، التي تهدف إلى غسل أدمغة الأطفال وتلقينهم أفكاراً طائفية تمهيداً لإرسالهم إلى جبهات القتال، تحت شعارات دينية وسياسية من بينها “نصرة فلسطين”.
ومن بين الحالات المؤلمة التي وثّقتها المصادر، اختطاف الطفل أكرم صالح الآنسي من وسط مدينة ذمار قبل يومين، ولا يزال مصيره مجهولاً. كما اختفى الطفل مهنأ حفظ الله (13 عاماً) أثناء خروجه من منزله، دون أن تنجح أسرته في العثور عليه رغم عمليات البحث المكثفة.
كما تم تسجيل حالة اختفاء لطفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات، بالإضافة إلى حادثة غامضة لاختفاء خمسة إخوة من أسرة واحدة، جميعهم دون سن البلوغ، أثناء قضاء إجازة عيد الفطر في ضواحي المدينة. وأكد شهود عيان أن الأطفال الخمسة: عبد الرزاق، وهايل، وهناء، وملايين، وجنى، اختفوا في الثالث من أبريل الجاري دون أي أثر.
وتحدث سكان محليون عن تنامي الظاهرة، واتهموا جماعة الحوثي باستخدامها كوسيلة للابتزاز السياسي والمجتمعي وفرض واقع التجنيد بالقوة. وقال أحد السكان، ويدعى خيري، إن المحافظة تحوّلت إلى “ساحة مفتوحة” لاختطاف المراهقين، متهماً قادة الجماعة بالوقوف خلف هذه العمليات، خاصة بعد رفض الكثير من الأهالي إرسال أبنائهم إلى تلك المعسكرات.
وأشار خيري إلى أن الحوثيين يسعون لتحويل الأطفال إلى “دروع بشرية” أمام الضربات الجوية، واستغلال ذلك لاحقاً في الخطاب السياسي والإنساني، مضيفاً أن عشرات الشبان تم اختطافهم من عدة مناطق في ذمار وأُخضعوا للتعبئة الفكرية والعسكرية دون علم أو موافقة أسرهم.
ويُذكر أن القيادي الحوثي محمد البخيتي، المعين في منصب محافظ ذمار، دفع خلال السنوات الماضية بمئات المجندين – معظمهم من الأطفال والمهمشين واللاجئين الأفارقة – إلى جبهات القتال، عبر دوريات عسكرية تابعة للجماعة.
ويحذر ناشطون من أن استمرار هذه السياسات يعرّض حياة آلاف الأطفال والشبان لخطر جسيم، ويهدد النسيج المجتمعي في محافظة ذمار، التي ترفض الغالبية العظمى من سكانها الزج بأبنائها في صراعات لا علاقة لهم بها.
 
				 
					

