المقالات

حضرموت .. والمــوال الطــويــل :

بقلم/ محمد سالم بن بشير
منذ إدراكنا ونعومة أظفارنا ونحن نسمع عن تاريخ حضرموت والحضارة التي كانت والقصور التي شُيدت والقوافل التجارية التي نشرت الإسلام في أصقاع المعمورة, سمعنا وسمعنا حتى تشبعت عقولنا بالماضي الى حد كبير ,فأصبح الماضي هو اللغة والموال والشعر والنثر والدرس والفن وحديث المجالس وكلمات المادحين في كل محفل , نشأة الأجيال وهي لا تسمع الإ الماضي والتغني به ,لم تخرج من كتاب التاريخ فهي تعيش بين صفحاته باستمرار رغم أنها لا تعرف من التاريخ الإ اسمه ومظاهره وما يملي عليهم كبارهم دون وعي أو إدراك بماهية التاريخ وجوانبه المختلفة,فمعظهم لا يعرفون عن تاريخ حضرموت الإ أنه موروث شعبي ورقصات وموشحات وبعض المباني والقصور التي شُيدت قديماً وخلاصة ما يعرفون أنه كان لهم حضارة وتاريخ فحسب, وعزز ذلك ما يشاهدونه في المناسبات والفضائيات, لا أحد ينكر مكانة وتاريخ حضرموت والصورة الرائعة التي رسمها أهلها في الماضي حتى غدت لأغنية التي يتغنى بها الجميع , ولكن العيش في الماضي والمكوث في التاريخ كثيراً يربي أجيالاً تتكل على تاريخ وماضي أباءها والتغني به والركون إليه, صحيح التاريخ مهم لكن المستقبل وصناعة أدواته هو الأهم ,كثيرمن الدول لم يكن لها تاريخ كبير و مشرف مقارنة بالذي كان لحضرموت لكن كان لهذه الدول حاضر ومستقبل يرضي أبناءها , فيه كل سبل الحياة الكريمة, وحتى عندما ندرس التاريخ لابد أن تفهم الأجيال معنى الحضارة وما هي أركانها ودعائمها, أمّا أن يُسرد التاريخ كأنه قصة وحكاية من الحكايات العابرة , دون تمحيص وتقييم ,فهذا يُعد من إستغفال للأجيال وجعلهم يرددون ويؤمنون بما يملى عليهم فحسب , ثم إن تقديس الماضي بكل ما فيه يُعد أحد عوائق بناء المستقبل, وأن مراجعة وتقييم ودراسة التاريخ هو أحد العوامل المساعدة في التخطيط للمستقبل بشكل أمثل ,فلا يكفي أن نتحدث للأجيال عن التاريخ مجرداً دون ذكر الأخطاء والعيوب التي يجب أن تصحح ولا تتكرر في المستقبل ولا أن يُعرض للناس أن تاريخ حضرموت ملكية لفئة معينة من البشر دون غيرهم وأنهم هم الأوصياء على حضرموت وتاريخها وتراثها.
حضرموت اليوم بحاجة الى ثورة فكرية وثقافية تراجع الماضي وتخرجه بصورة تواكب الواقع وتساهم في صناعة المستقبل وهذا هو الدور المطلوب من شباب حضرموت اليوم , يكفينا العيش في الماضي وأن كان جميلاً فنحن نريد مستقبلاً أجمل نحيا فيه وأبناءنا حياة كريمة فيه كل عوامل النهضة والتطور, ونكتب من خلاله تاريخاً جديداً يحمل كل معالم الحضارة التي تسمع صداها كل المعمورة.

المركز الوطتي لعلاج الأورام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى