المقالات

من الاحتراف في الإعلام التعامل مع أكثر من خصم:

د. نزار نبيل أبو منشار

في بعض الأحيان تقوم وسائل الإعلام بعرض إعلامي موسع لحدث ما، تستضيف لأجله أكثر من طرف، وأكثر من صاحب توجه متعلق بهذا الحدث، لكنها تحرص أشد الحرص على أن لا يتوافق اثنان منهم في تيار واحد، أو رؤية واحدة، لإثراء النقاش وتناول الموضوع من أكثر من زاوية ووجهة نظر.

 

في مثل هذه المواقف يجد الإعلامي نفسه محاطاً بأكثر من تصور، ليس شرطاً أنها تعاديه جميعاً بالضرورة، ولكنها لن تتفق معه بالرؤية، وإلا لما تم إحضارها.

 

وأمام هذا الواقع، فقد تلتقي عدة وجهات نظر ورؤى من الضيوف في معارضة رأي الإعلامي المسلم، مع عدم اتفاقها فيما بينها مثلاً، ولكن هذه الصورة تتطلب نظرة فاحصة لما قد تؤول إليها الأحداث في موقف إعلامي معين، واستباق الأحداث بالتخيل والتوقع يفيد.

 

حقيقة.. أمام الإعلامي المسلم في هذا الواقع خيارات، تتفق كلها في أنه لا بد وأن يكون قوياًّ ثابتاً متزناً ملائماً ومكافئاً لخصومه ونظرائه، ومنها:

1. أن يمسك قلمه وأوراقه ويسجل كل سؤال يطرح عليه من هذا ومن ذاك، ويبدأ في إجابتها بشكل مقتضب، وهذا آخر خيار يلجأ إليه الإعلامي المسلم برأيي، لأنه لن يجد الوقت الكافي للرد على الجميع، وإجاباته المختصرة لن تكون جامعة مانعة.

 

2. تحييد بعض المعارضين له، لأنه لن يستطيع تحييد الجميع عملياً، فلو استطاع استمالة طرف أو أكثر، أو تحنيط طرف أو أكثر، فإنه بذلك يُخذِّل عن نفسه ما استطاع، ويتفرغ لمن بقي في صف خصومه.

 

3. وهو أنجع خيار بالتجربة، أن يحول التعارض من جبهة واحدة ضده إلى تعارض داخلي داخل تلك الجبهة، بأن يتلهى كل طرف في الطرف الآخر وتسلم جبهة الإعلامي المسلم.

 

الخيار الثالث ممكن وفعال في الآن ذاته، سيما وأن الخصوم ليسوا من فئة فكرية واحدة، ولا يصدرون عن نبع ثقافي واحد، وبذلك، فإن الإعلامي المسلم هنا أمام مسؤولية تتطلب الكثير من الحكمة والوعي.

 

وحتى يتحقق خيار تفتيت جبهة المعادين لا بد له من التعرف على الخلفيات المذهبية والفكرية والثقافية لكل واحد من خصومه ونظرائه، وأن ينفذ من خلال إظهار وجوه التنافر بين هذا وذاك إلى بيان تعارض وجهات النظر ولو في قضايا أخرى ذات علاقة، فهذا الأمر يجعل كل طرف راغباً في الانتصار لفكره ولمن يمثل، وستخف حدة الهجمة على الإعلامي المسلم إن لم تنته بالكلية.

المركز الوطتي لعلاج الأورام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى