المقالات

جمع كلمة أهل الحديث لرئيس رابطة اهل السنه باليمن الشيخ العلامه أبي الحسن السليماني

جمع كلمة الإتجاهات المنتسبة إلى أهل السنة والجماعة مطلب شرعي، وواجب حياتيّ ، لكن بعض الناس تجاه هذا المطلب إما أن يسلك مسلك الإفراط ، أو مسلك التفريط ، فبعضهم ينظر إلى الحسنات وجوانب الإصابة في تلك الإتجاهات ، ويغفُل عن جانب المخالفات والإنحرافات عندهم ، فينطلق داعيةً إلى الإجتماع بين أهل الحق الصافي وهذه الإتجاهات ، بحجة أن إلهنا واحد ، وأن نبينا واحد ، وأن كتابنا واحد ، وأن قبلتنا واحدة ، وهذا يُعجبُ المخالفين ، ويفرقُ الموافقين ، فيكونُ كمن طلب المزيد من الربح فضيع رأس المال ، وربما إبتلع المخالفون إخوانه ، فصبغوهم بعُجَرهم وبُجَرهم .
وفي المقابل لهذا المسلك ؛ فهناك من يرفضُ مدّيده لإخوانه – وإن كانوا أقومَ منه قيلا ، وأهدى منه سبيلا – نظرا لمخالفتهم وابتداعهم في نظره القاصر .
والصواب أن الإجتماع له صور ومراتب متفاوتة ، فإعمال كل صورة ومرتبة في موضعها بشروطها ، مع مراعاة الموازنة بين المقاصد والمفاسد ، ومرحلة الإستخلاف ومرحلة الإستضعاف ، والظروف التي تمر بها الدعوة ، وأحوال المخالف، والحال والمآل في الإقدام أو الإحجام ، ومن راعى ذلك فقد أخذ بالدين من جميع جوانبه. 
فلا يجوز مثلا عدم مناصرة من يتصدى للرافضة -وإن أساء لنا في جوانب أخرى – بحجة أنه في جماعة أو حزب ، أو طائفة نختلف معها ، لأن هذا قد يفضي إلى تقوية شوكة الرافضة ، الذين يطمسون عقيدتنا ، ويعلمون الأجيال أوابقهم وأوابدهم ، وينصبون المشانق للدعاة وأهل الحل والعقد في الميادين العامة ، ويتمتعون بالنساء ….. الخ ، لأن أئمة السنة أفتوا بإعانة الأشاعرة على المعتزلة ، مع أن خلافهم مع الأشاعرة لا يخفى على أحد ، بل هناك من يرى في بعض كلامهم الكفر من التأويل المفضي إلى التعطيل ، والبعض الآخر يخرجهم من دائرة السنة بالكلية ، والبعض الأخير يجعلهم أهل سنة فيما وافقوا فيه وأهل بدعة فيما خالفوا فيه ، فلا يحكم لهم بهذا أو ذاك بإطلاق .
ولا يخفى كم إجتهد شيخ الإسلام ابن تيمية في الجمع بين كلمة الاشاعرة – على ماعندهم – وأهل السنة ، حتى تم له ذلك وذكر ذلك كما في مجموع الفتاوى على أنه من عمله الصالح .
بل لا يخفى على أحد رزقه الله بصيرة في الدين أن المؤمنين يفرحون بنصر أهل الكتاب على المشركين ، بل عزا الله عزوجل وأضاف نصر أهل الكتاب على المشركين إليه سبحانه وتعالى فقال :{ ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله } ، ولا يخفى الحكم على أهل الكتاب وعقائدهم الذين نزل فيهم صدر سورة الروم .
فلا يلزم من جمع الكلمة الذوبان في الجماعات الأخرى ، ولا يلزم من محفاظتنا على منهجنا وخصوصياتنا ، أن نقوي شوكة العدو الأكثر إنحرافا وحقدا وفتكا بالحق وأهله من حيث لا نشعر .
والحق وسط بين طرفين ، وهُدَى بين ضلالتين ، ووادٍ بين جَبَلين .
{ ومن يؤت الحكمة فقد أوتيَ خيرا كثيرا } .

الشيخ المحدث *أبو الحسن السليماني*
8/ رجب / 1439 هجرية

المركز الوطتي لعلاج الأورام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى