تواصل المجاعة في قطاع غزة حصد أرواح المدنيين، في ظل الحصار المشدد الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي، واستخدامه سياسة التجويع كسلاح جماعي ضد السكان، بالتوازي مع القصف والدمار المتواصلين منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023.
وفي مشهد صادم يعكس عمق الكارثة، استشهد الرضيع يحيى النجار في مدينة خان يونس نتيجة سوء التغذية الحاد، وهو واحد من عشرات الأطفال الذين فقدوا حياتهم جوعاً وعطشاً، وفق ما أفادت به وزارة الصحة في غزة.
وسُجلت خلال الساعات الماضية 4 وفيات جديدة بسبب سوء التغذية والجفاف، من بينهم الرضيع يوسف الصفدي شمال القطاع، والطفل عبد الحميد الغلبان من خان يونس، بالإضافة إلى المواطن أحمد الحسنات الذي استشهد في مستشفى شهداء الأقصى.
وأكد مدير الإغاثة الطبية في غزة أن القطاع دخل مرحلة “الخطر الشديد”، محذراً من موت جماعي وشيك في ظل شح الغذاء والماء وانهيار المنظومة الصحية. وأوضح أن ما يزيد عن 60 ألف امرأة حامل يعانين من الجوع وسوء التغذية، في مشهد كارثي غير مسبوق.
من جانبه، قال المتحدث باسم بلدية غزة إن العطش ينهش السكان، إذ لا يحصل الفرد على أكثر من 5 لترات من المياه يومياً للشرب والطهي والاستحمام، في وقت تغطي فيه آبار المياه أقل من 12% من احتياجات المواطنين.
بدوره، حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من أن غزة تُجَوّع عمداً، مشيراً إلى أن الأوضاع هي “الأسوأ على الإطلاق”، حيث يعيش 2.1 مليون إنسان محشورين في مساحة لا تتجاوز 12% من القطاع، بلا طعام أو مياه نظيفة، والمستشفيات عاجزة عن التعامل مع الأعداد المتزايدة من المصابين والمحتاجين.
وفي السياق ذاته، قال المفوض العام لوكالة “الأونروا” فيليب لازاريني إن موظفي الوكالة، إلى جانب الأطباء والصحفيين والعاملين في المجال الإنساني، يفقدون وعيهم بسبب الجوع والإرهاق، مؤكداً الحاجة الماسة إلى تدخل طبي وإنساني عاجل.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن عدد الشهداء جراء التجويع وحده تجاوز 900 شهيد منذ بدء العدوان، من بينهم 71 طفلاً، بينما سُجل أكثر من 6 آلاف إصابة في صفوف المدنيين الباحثين عن الغذاء والماء. كما ارتفع عدد الشهداء جراء العدوان الإسرائيلي إلى 59,029 شهيداً وأكثر من 142 ألف مصاب حتى مساء أمس الاثنين.
أرواح تُزهق بصمت، وأطفال يموتون بلا دموع.. غزة اليوم تواجه مجزرة من نوع مختلف، مجزرة التجويع تحت سطوة الاحتلال الإسرائيلي.