تشهد مناطق سيطرة جماعة الحوثي خلال الأسابيع التي تسبق مناسبة المولد النبوي موجة واسعة من فرض الجبايات والمساهمات المالية القسرية على المواطنين والتجار، في مشهد يصفه مراقبون بأنه استغلال فج للشعائر الدينية لتحقيق مكاسب مالية وسياسية.
وأكدت مصادر محلية أن الجماعة حوّلت هذه المناسبة، التي يفترض أن تكون دينية وروحانية، إلى موسم للنهب وجمع الأموال، حيث تُفرض مبالغ مالية باهظة تحت تهديد السلاح، أو التهديد بالاعتقال، أو إغلاق المحال التجارية، أو مصادرة الممتلكات.
ووفقاً للمصادر، يُجبر التجار على دفع مبالغ خيالية، وطلاء واجهات محلاتهم باللون الأخضر، وتعليق شعارات وصور قيادات الجماعة، فيما يُرغم السكان في الأحياء على تقديم مساهمات مالية أو عينية لتمويل الفعاليات المرتبطة بالمناسبة. وأضافت المصادر أن من يرفض أو يعجز عن الدفع، يواجه مضايقات مباشرة تصل أحياناً إلى الاعتقال التعسفي أو فرض غرامات إضافية، في انتهاك واضح للحقوق المكفولة بموجب الدستور والقوانين اليمنية.
ويأتي هذا الاستنزاف الممنهج في ظل أوضاع إنسانية متدهورة يعيشها ملايين اليمنيين الذين باتوا على حافة المجاعة، وفق تقارير دولية، مع استمرار توقف صرف رواتب الموظفين الحكوميين منذ سنوات، ما فاقم من معاناة السكان.
وفي الوقت الذي تُنفق فيه الجماعة أموالاً طائلة على الفعاليات الاحتفالية والمظاهر الدعائية، تتجاهل بشكل كامل الاحتياجات الأساسية للناس من غذاء ودواء وخدمات، ما يزيد من تفاقم الأزمة المعيشية ويغذي مشاعر السخط والغضب الشعبي.
ويرى محللون أن ما تقوم به الجماعة يمثل سياسة ممنهجة تستغل المناسبات الدينية لتعزيز سلطتها وترسيخ خطابها الطائفي، وتوسيع شبكاتها المالية، عبر إرغام السكان على تمويل فعالياتها، في وقت تعاني فيه البلاد من انهيار اقتصادي حاد وارتفاع غير مسبوق في معدلات الفقر.
ويحذّر خبراء اقتصاديون من أن استمرار هذه الممارسات سيؤدي إلى مزيد من التدهور في الاقتصاد المحلي بمناطق سيطرة الحوثيين، خاصة في ظل تزايد الضغوط على القطاع الخاص، الذي يعاني من استنزاف ممنهج بفعل الجبايات والضرائب غير القانونية.
ويؤكد متابعون للشأن اليمني أن هذه الانتهاكات تمثل خرقاً واضحاً للقيم الإسلامية، التي تحرّم أخذ أموال الناس بغير وجه حق، لافتين إلى أن الجماعة تستخدم الشعارات الدينية غطاءً لتبرير انتهاكاتها الاقتصادية والاجتماعية، وتحويل مناسبة المولد النبوي إلى محطة سنوية لتعزيز نفوذها على حساب الشعب اليمني المنهك.
