المقالات

ياسرأمان : مظاهرات مسلمي إثيوبيا: محنة عمرها 1000 عام . المقال(4)

دخول الإسلام من الشمال
بعد فتح مصر استمر انتشار الإسلام نحو الجنوب،  وقام البجاة الذين تمتد أرضهم من حدود مصر الجنوبية حتى حدود الحبشة بنقل الإسلام عبر هذا المحور الشمالي. ولقد انتشر فريق من التجار العرب عبره،  كانت منهم جماعات عديدة من جهينة وربيعة وقيس عيلان،  وانتشر الإسلام بين البجاة،  وقد أشار المسعودي إلى هؤلاء المسلمين عبر المحور الشمالي،  وتقدم الإسلام إلى عيذاب وسواكن وتجاوزهما إلى الجنوب،  والتقى المحوران في أرض الحبشة.

وساد الإسلام النطاق السهلي الساحلي في شرقي الحبشة،  والمعروف الآن باسم إرتريا،  كما توغل إلى المرتفعات الجنوبية،  بل وصل إلى وسط الحبشة،  واستمر الصراع بين المسلمين والمسيحيين،  بل انتقل بين المذهبين النصرانيين الكاثوليكي،  والذي وفد إلى الحبشة مع البرتغاليين،  والأرثوذكسي المذهب الأساسي للنصارى الأحباش،  وقد أدى هذا إلى مهادنة المسلمين بالحبشة،  فأخذ الإسلام يزداد انتشارًا في ظل السلام.

ثم عاد الاضطهاد في عهد الإمبراطور يوحنا في نهاية القرن الحادي عشر الهجري،  وفي القرن التالي سادت الانقسامات الحكم الحبشي،  وسيطر الجالا على الحكم،  وانتشر الإسلام في هذه الظروف بين قبائل التيجري في القسم الشمالي من هضبة الحبشة،  ثم تعرض المسلمون إلى الاضطهاد مرة أخرى في عهد الإمبراطور تيودور في النصف الثاني من القرن التاسع عشر،  وفي عهد يوحنا من بعده،  وقد دخل في صراع مع الثورة المهدية بالسودان،  وفي عهد منليك خليفة يوحنا ظهر النفوذ الاستعماري،  وأخذ في التدخل للسيطرة على العديد من مناطق شرقي أفريقيا. فإذا نظرنا إلى المنطقة ككل بما فيها إرتريا والأوجادين،  نجد المسلمين أغلبية،  ويشكل النصارى ثلث السكان،  وإن جاز وصفهم بالأقلية فإنما هذا ينطبق على وسط الحبشة فقط،  حيث يشكل المسلمون ربع سكان هذه المنطقة،  فالنصرانية تتغلب عدديًّا بين قبائل تيجري والأمهرا وجوجام،  أما وضع المسلمين في المنطقة ككل فيتمثل في النسب الآتية (51% مسلمون،  40% نصارى،  9% وثنيون).

ومن أبرز ملامح قضية الإسلام بهذه المنطقة الكفاح المشترك،  فكما ظهرت جبهات تحرير إرتريا والأوجادين،  ظهرت جبهة تحرير أخرى في قلب إثيوبيا،  وهي جبهة تحرير التيجري في شمال وسط الهضبة الحبشية،  وبدأت جولتها مع المجلس العسكري الحاكم في إثيوبيا،  وخاضت معركة في مدينة (تسيرغا)،  كما استولت على مدينتي فريس ماي،  وإيداجا – أربي في سنة 1402هـ.

كما ظهرت الجبهة الإسلامية لتحرير أورومو،  وحدث تحسن طفيف على أوضاع المسلمين بإثيوبيا،  فبدأ المسلمون في بناء بعض المساجد والمدارس الإسلامية،  وعاد التعليم الإسلامي إلى المدارس الملحقة بالمساجد، إلا أن الإصرار على فرض هوية نصرانية للبلد ما زال يلقي بثقله على كاهل المسلمين،  الذين يكافحون للحصول على الحد الأدنى من حقوقهم المشروعة،  حتى بموجب القانون الدولي الغربي المفصل بحسب مقاييس الغرب ومصالحه وأطماعه!

 

 

 

 

 

 

المركز الوطتي لعلاج الأورام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى