المقالات

عبد المنعم هيكل .. الفساد في روسيا.. ملحمة وأسماء كبيرة

 

في تصنيف منظمة الشفافية الدولية للفساد في دول العالم لسنة 2015، توجد روسيا في المرتبة 119، أي بين الأكثر فسادا من مجموع 168 دولة.

أما تقديرات حجم الفساد في روسيا بتعريفاته الواسعة فهي شديدة التفاوت؛ إذ يرى جهاز الإحصاء الحكومي (روستات) أنه يعادل 15% فقط من الناتج المحلي الإجمالي عام 2011، بينما يرى البنك الدولي أنه يصل إلى 48% من الناتج المحلي، وتقدر مؤسسة “إندم” الروسية غير الحكومية ما يدفعه الروس من رشى بنحو 318 مليار دولار سنويا.

أشكال الفساد
ويتخذ الفساد في روسيا أشكالا عديدة، فمن اتهامات توجه إلى رئيس البلاد فلاديمير بوتين والطبقة الحاكمة بجمع ثروات سرية ومحاباة المقربين وقبض عمولات وغير ذلك، إلى فساد تتنوع مظاهره في الحياة اليومية للروس.
المجتمع المدني الروسي تعرض لضغوط شديدة تحت حكم بوتين (رويترز)

فالاستطلاعات تظهر أن الأغلبية العظمى من الروس يعانون من ذلك بشكل شبه يومي، حين يتعاملون مع شرطة المرور أو يرغبون في إدخال أولادهم مدرسة جيدة، أو تجديد وثائق شخصية مهمة. أما الشركات ورجال الأعمال فيدفعون أموالا رشوة إلى المفتشين العموميين وأفراد الشرطة والمسؤولين المحليين.

قبضة بوتين
فما سبب هذا الفساد المستعصي منذ سنوات طويلة؟ في ما يخص فترة رئاسة بوتين الطويلة غير المتصلة التي بدأت عام 2000، يرى البروفيسور روبرت أورتونغ المتخصص في الفساد والشؤون الروسية أن تنامي الفساد كان نتيجة مباشرة لسياسات بوتين في تقوية نفوذ الدولة وإضعاف عناصر كثيرة في المجتمع المدني.
بوتين عمل على زيادة هيمنة الدولة في روسيا (الأوروبية)

ويقول أورتونغ في بحث نشر عام 2006 إن الدليل على ما ذهب إليه هو ما وجدته منظمة الشفافية الدولية من ارتباط قوي بين مستوى الفساد في الأقاليم الروسية وعدد الموظفين العموميين في كل إقليم، ومن المفارقات التي ذكرها البحث أن بوتين أعلن عام 2006 أن عجز إدارته عن تحقيق تقدم في مكافحة الفساد هو من أكبر إخفاقاتها.

وعندما يذكر الفساد في روسيا، فإن أهم اسم قد يتداوله الناس هو بوتين نفسه، لكن لا بد من الإشارة هنا إلى أن أغلب الاتهامات التي توجه إلى الرئيس الروسي مصدرها الإعلام الغربي وبعض الهيئات والوزارات والمسؤولين الغربيين، وأن نبرتها تعلو مع زيادة التوترات بين روسيا والغرب، بالرغم من الجهد الاستقصائي الكبير الذي بذلته في هذا الجانب وسائل إعلام مثل هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، ووكالة رويترز.

أبطال القصة
بحسب بيان الدخل الذي أعلنه بوتين عن عام 2014، بلغ دخل الرئيس ما يعادل 119 ألف دولار أميركي، وشملت أملاكه في ذلك الوقت شقتين سكنيتين متواضعتين وحصة من مرآب للسيارات، لكن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية قدرت ثروة بوتين بأربعين مليار دولار بحسب تقرير لها في عام 2007.
رجل الأعمال غنادي تيمشنكو (يسار) يحضر اجتماعا برئاسة بوتين (الأوروبية)
وبالإضافة إلى هذه الثروة المزعومة، ذكرت بي بي سي ورويترز أن اثنين من المقربين من بوتين تربحا من برنامج حكومي لشراء معدات طبية باهظة، وقاما بتوجيه هذه الأرباح لبناء قصر بمليار دولار على ساحل البحر الأسود قيل إنه لبوتين، لكن الرئيس الروسي نفى أي صلة له بهذا العقار.

ومن الشخصيات التي تتبعتها وسائل الإعلام الغربية ابنة بوتين يكاترينا، وزوجها كيريل شمالوف، اللذين نقلت رويترز أنهما يملكان حصصا بقيمة ملياري دولار في عدة شركات، بفضل دعم من أصدقاء بوتين الأثرياء.

وبالحديث عن أصدقاء بوتين، فإن أبرز اسم بينهم في سياق الفساد هو غنادي تيمشنكو الذي تقول التقارير الغربية إنه جمع ثروة طائلة من تجارة النفط بفضل علاقته بالرئيس الروسي، وأنه ساعد بدوره على إدارة استثمارات سرية لبوتين في قطاع الطاقة.
ومن القصص المتداولة عن علاقة الرجلين، أنه في اليوم التالي لقرار روسيا منع استيراد التفاح من عدة دول دعمت العقوبات الاقتصادية على موسكو، مثل بولندا، سعى تيمشنكو لشراء حصة كبيرة في واحدة من أكبر الشركات الروسية المنتجة للتفاح للاستفادة من هذا الحظر، ونجح بالفعل في تملك 40% من هذه الشركة واسمها “ألما” القابضة.

المركز الوطتي لعلاج الأورام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى